تابعنا على

وزارة جلّول والسير نحو المجهولْ بقلم : عبد العزيز الرباعي

ها هي الأيام تمر الهوينى… الاثنان..ثم الثلاثاء..فالأربعاء.. يا لها من ثلاثة أيام ثقيلة على الجميع … الأطفال يروحون ويجيئون من وإلى مدارسهم وهم يتساءلون: هل سيتم اليوم اختبارنا من طرف مدرسينا؟؟؟ هل سنجري اليوم الاختبارات الشفاهية؟؟؟ وما هو مصير الاختبارات الكتابية؟؟؟ هل أراجع .. أم أنتظر؟؟ هل سأمر إلى المستوى الموالي أم أنني سأضطر للرسوب؟؟؟ الأولياء في حيرة من أمرهم.. البعض راح يصب جام غضبه على المعلمين… والبعض الآخر راح يهدد ويتوعد… أحرقت بعض المدارس.. واستهدف مربون بالعنف…ولكن لا شيء يتغير ولا جديد في الموضوع … الإعلام كالعادة يواصل هرسلة الرأي العام وتأجيج الوضع المحتقن أصلا بما يدفع الأمور نحو الانفجار…والسيد الوزير والحكومة في غياب وغيبوبة دائمة… لا حياة لمن تنادي… وكأن الأمور تسير سيرا طبيعيا… أكثر من مليون تلميذ ومن ورائهم أولياؤهم ينتظرون انفراج الأزمة وظهور ضوء في آخر النفق ..لكن يبدو أن النفق مازال طويلا أو أن الفجر يرفض البزوغ… ف كل الذي حدث ويحدث لا ولم يحرك شيئا من سواكن حكومتنا الموقرة ورئيسها الأسد.. عفوا الصيد؟ وكأن الأمر لا يعنيها وإنما يعني حكومة أخرى ربما في المريخ أوفي زحل؟؟
كل هذا الكم الهائل من الضغوطات على الأسرة التونسية وعلى أبنائنا التلاميذ بدرجة أولى… والسيد الوزير المكرم يكتفي بظهور يتيم على أحد القنوات الفضائية الخاصة (كان لها فضل كبير في وصوله هو ومن معه للحكم)… يطلق فيها العنان لأكاذيبه وترهاته وأراجيفه… الاختبارات الشفاهية لا تعني سوى تلاميذ السنتين الأولي والثانية؟؟ وهذه الامتحانات قد تمت كلها تقريبا منذ مدة ولنا إحصاءات تثبت ذلك؟؟؟ لكن والأهم من كل ذلك أن هذه الاختبارات ليست ذات قيمة ؟؟؟ ثم نحن نستطيع أن نؤجل الاختبارات ولو لنصف شهر أو أكثر؟؟؟ وحتى لو استمر الإضراب فإن لنا آلاف الحلول حتى لو اضطررنا لاستدعاء الإداريين أو غيرهم للقيام بتلك الامتحانات؟؟؟ للأسف النقابة لم تعلمنا بالإضراب وقد فوجئنا به مثل الآخرين؟؟؟
سلسلة لا تنتهي من الأكاذيب المقززة والمفضوحة والساذجة والتي إن دلت على شيء فإنما تدل على استخفاف هذا الوزير بقطاع حساس مثل قطاع التعليم ومقامرته بمستقبل جيل بأكمله ولعبه بأعصاب المئات من الآلاف من العائلات التونسية بكل استهتار واستخفاف… فالنقابة العامة التي أعلنت في العديد من المناسبات عن استعدادها للتفاوض مع الوزارة لإيجاد الحلول لهذه المعضلة التي وضعت الحكومة فيها الجميع حيت أنها لم تتعامل بشكل عادل أو حتى منصف مع كافة المطالب الاجتماعية والقطاعات العمومية فأغدقت على البعض واستجابت للبعض الآخر على مضض وأوصدت الباب في وجه البقية الباقية من القطاعات التي طالما عانت من التهميش والإهمال ..بما خلق انطباعا لدى العديد منها بأنها تصنف في منزلة دونية وأنها لا وزن ولا قيمة ولا اعتبار لها… رغم ما تقدمه من خدمات عظيمة وتضحيات جسيمة للوطن والشعب…
إن سياسة النعامة.. والتسويف ..ودس الرؤوس في الرمال.. أو سياسات التهديد والوعيد.. واستخدام أسلوب التشويه وتأليب الرأي العام الذي تمارسه الوزارة والحكومة من أجل الضغط على المربين للتراجع عن مطالبتهم بحقوقهم والدفع بالأمور نحو مسارات لا تحمد عقبها من قبيل التسخير واقتطاع المرتبات والتلويح بتقسيم القطاع والاستقواء بقطاعات أخرى على حساب المربين …كل هذه الأمور لن تزيد الطين إلا بلة ولن تؤدي إلا إلى تعميق أزمة التعليم في بلادنا في حين أن الحكومة ووزارة التربية تدعي أنها ترفع شعار “إصلاح المنظومة التربوية”؟؟ منتهى القرف ؟
إننا نؤكد أن هذا الأسلوب وهذه السياسة.. أي سياسة الإنكار والتحريض والتزييف وقلب الحقائق هي أسوء رسالة يمكن أن تقدمها الوزارة – التي من المفروض أن تكون المسؤولة والمؤتمنة على التربية والتعليم في تونس ممثلة في شخص أرفع مسؤول بها – للرأي العام.. وهي في نفس الوقت سياسة خطيرة وخرقاء قد تدفع بالوضع نحو حافة الهاوية وقد بدت ملامح ذلك تظهر للعيان من خلال اشتداد موجة العنف الموجهة نحو المدرسة ورجال التربية…
وهنا لسائل أن يسأل: إلى أين تريد هذه الحكومة أن تصل بالأمور؟؟؟ هل حقا هي واعية بما تقوم به وهل هي جادة في مواصلة هذا النهج الخاطئ الذي سيبني سدا بين المربين وبين المتعلمين والأولياء بما يفقد العملية التربوية أي معنى لها إذا ما فقدت الثقة بين هذه الأطراف الثلاثة وقدمت المربي على أنه ألد أعداء التلميذ والولي؟؟؟ وكيف ستصلح هذه الوزارة الموقرة هذه النظرة إذا ما تم الاتفاق أو حتى استمر الصدام إلى أن يتم إيجاد حل ما .. لأن بقاء الأمر على ما هو عليه ضري من الخيال والجنون …
ختاما نقول إن الاستهتار واللامبالاة و الفشل الذريع الذي تدار به هذه الأزمة من طرف الوزير الحالي للتربية والحكومة الحالية تجعلنا نقلق بشكل كبير على حال البلاد… لأن أكبر أزمة تعاني منها تونس اليوم هي أزمة الثقة التي ساهمت في خلقها نفس هذه الأطراف المتصدية للحكم اليوم لما كانت تلعب دور المعارضة وتشن حملات الكذب والتشويه ضد منافسيها حتى أصبح الشك والتخوين وعدم الثقة هو أساس العلاقة بين الجميع … وليست حملة “وين البترول؟ ” إلا أحد تمظهرات تلك الأزمة… فهل ستواصل هذه الحكومة هذا السقوط الحر بالبلاد نحو المجهول وهذا الاستخفاف المشين الذي سيذهب بالبلاد إلى الهاوية أم أنها ستتدارك أمرها في آخر المطاف .. رغم أنني أعتقد جازما أن أوان التدارك قد فات…
عبد العزيز الرباعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

[الجديد][6]

التحضيري
السنة الاولى
السنة الثالثة
السنة الثانية
السنة الخامسة
السنة الرابعة
السنة السادسة
مقالات

عن مُميز

تابعنا على الفيسبوك

إتصل بنا

أرشيف المدونة الإلكترونية

e-maitres.blogspot. يتم التشغيل بواسطة Blogger.